وصف الجنة والنار
قال:{ قلت: يا رسول الله! ما الجنة وما النار؟ قال: لعمر إلهك إن النار لها سبعة أبواب، ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً، وإن الجنة لها ثمانية أبواب، ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً، قلت: يا رسول الله! فعلام نطلع من الجنة؟}، أي: إذا أطلعنا الله على الجنة فماذا نرى؟ وماذا نجد فيها؟ {قال: على أنهارٍ من عسل مصفى}، وسيذكر فيها أموراً كلها مذكورة في القرآن، وهذا مما يدل على صحة الحديث، كما قال ابن القيم رحمه الله.
قال: {وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة}، أما خمر الدنيا فكلها صداع وندامة، ما شربها أحد إلا وأصابه الألم والوجع والأمراض في بدنه، والندامة والخزي في الدنيا، مع ما ينتظره عند الله سبحانه وتعالى.
قال: {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماءٍ غيرِ آسن، وفاكهة، ولعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه} أي:كل ما يخطر ببالك، وخير من مثله، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فلا يمكن أن نتصوره ونتخيله.
قال: {وأزواج مطهرة، قلت: يا رسول الله! أولنا فيها أزواج؟! أو منهن مصلحات؟!} أي: أيوجد في الجنة أزواج؟! ومنهن صالحات أو مصلحات؟! لقد كان يظن أنهن كنساء الدنيا اللاتي يغلب عليهن العوج! {قال: المصلحات للصالحين}، وفي لفظ: {الصالحات للصالحين}، فما داموا صالحين وقد دخلوا الجنة، فإنه يقال لهم: ((ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ))[الزخرف:70]، وليس هناك في الجنة شقاق ولا خصام، ولا شر ولا أذى، وإنما كما يقول تعالى: ((وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))[الزخرف:71].
قال: {تلذونهن ويلذنكم مثل لذاتكم في الدنيا}، ولا يعني هذا أنها مثلها في الصفة، إنما المقصود أنها لذة. {غير أن لا توالد}، أي: ليس قصد أهل الجنة التوالد، فإن الإنسان في الجنة لا يستمتع بزوجته لطلب الإنجاب، كما يحدث في الدنيا، إذ الأصل في زواج الدنيا فيها هو طلب الإنجاب، وهو الأساس، ولذلك يتبعه مشاكل الحمل والولادة والنفاس، وإن كان هناك منافع أخرى، لكن القصد الأساس هو التوالد والإنجاب، أما في الجنة فليس طلب الولد مقصوداً كما في الدنيا، لكن قد يتمنى الإنسان في الجنة أن يولد له ولد، فيولد له كما يشاء، وسيأتي بيانه إن شاء الله.
قال لقيط: { فقلت: يا رسول الله! أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم}، ليس هناك جواب على هذا السؤال، فقد انتهت حدود إمكانية الجواب عند هذه الأمور؛ لأنك مهما تأملت فلن تصل إلى حقيقة ما علمت، فكيف تسأل عما هو أقصى وأبعد منه؟ فهذا شيء لا يمكن أن يجاب عنه؛ لذا لم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم.