ثبوت الواو في قوله: (وفوقه)
الشرح:
بعد أن ذكر المصنف رحمه الله استواء الله على عرشه في معرض شرحه لقول الطحاوي "والعرش والكرسي حق"؛ أتى بما يبطل لوازم المبطلين والمضلين الذين يرون أن من لوازم إثبات ذلك أن يكون محتاجاً إلى العرش فقال الطحاوي: [وهو مستغن عن العرش وما دونه] فالله تبارك وتعالى هو الغني الحميد وله صفة كمال الغنى عن كل مخلوق.
ثم قال بعد ذلك: "محيط بكل شيء وفوقه"، وفي بعض النسخ -كما أشار المصنف رحمه الله-: "محيط بكل شيء فوقه"، وفيه اضطراب؛ لأنه ينبني عليه إخلال كبير في المعنى، يقول المصنف: "والنسخة الأولى هي الصحيحة ومعناها: أنه تعالى محيط بكل شيء وفوق كل شيء، ومعنى الثانية:" -على التحريف- "أنه محيط بكل شيء فوق العرش"، فيكون الضمير راجعاً إلى العرش، فكأنه يقول: إن الله تعالى محيط بكل شيء فوق العرش، قال: "وهذا -والله أعلم- إما أن يكون أسقطها بعض النساخ سهواً ثم استنسخ بعض الناس من تلك النسخة"، أي: الواو، إما أن يكون بعض النساخ أسقطها سهواً من المتن -وهذا يقع في الكتابة باليد كما كان قديماً أو بالآلة كما هو الآن حديثاً- ثم نقل ذلك الخطأ وانتشر.
قال: "أو أن بعض المحرفين الضالين أسقطها قصداً للفساد" وهذا احتمال آخر، وهو: أن بعض الضالين والمحرفين تعمَّد أن يحذفها لكي يأتي بالمعاني الفاسدة، واللوازم الضالة التي يريد أن يؤكدها ويؤيدها من كلام الماتن، وقد ذكرنا سابقاً أن هذه العقيدة التي كتبها الإمام الطحاوي رحمه الله قد شُرحت من قِبَل بعض الشراح الذين لا يعتقدون عقيدة أهل السنة والجماعة، وأنهم أولوا معانيها وألفاظها، فيكون هذا الموضع هو أحد تلك المواضع التي حرفت، ولا يستغرب عليهم ذلك؛ فقد حرفوا وأولوا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من قبل، فهم على كلام البشر أجرأ وأقدر.