حين ذكر الحافظ
ابن كثير رحمه الله حملة العرش في قوله تعالى في سورة غافر: ((
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ))[غافر:7] أورد إشكالاً -بعد أن ساق حديثاً عن
ابن عباس - قال: [وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية؛ كما قال تعالى: ((
وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ))[الحاقة:17]. ]
ثم ذكر رحمه الله إشكالاً آخر فقال: [وهنا سؤال، وهو أن يقال: ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية ودلالة هذا الحديث! وبين الحديث] -وذكر حديث الأوعال- قال: [وهذا يقتضي أن حملة العرش ثمانية...] فكأن الإشكال وقع عند الحافظ
ابن كثير من جهة العدد: هل الذي يسبحون أربعة أم ثمانية؟! ومن الممكن حل الإشكال -الذي لم يجب عنه رحمه الله- بما يلي:
أولاً: استبعاد حديث الأوعال لضعفه.
ثانياً: الآية ليس فيها ما يدل على أن التسبيح خاص بالأربعة، لا سيما وأن بعض
السلف ذكر أن أربعة من الملائكة تسبح وأربعة تجيب، إذاً كلٌ يسبح بغض النظر عما ورد من لفظ التسبيح، وذلك لا ينافي أن يكونوا ثمانية، فقد يسبح كل أربعة منهم وحدهم أو الثمانية معاً.
هناك إشكال آخر: وهو أنه ورد عن بعض
السلف منهم
سعيد بن جبير في قوله تعالى: ((
وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ))[الحاقة:17] أن حملة العرش ثمانية صفوف من الملائكة، وقد أثر هذا عن غيره من المفسرين من
السلف، قال: لكن هذا القول أيضاً يعارض الحديث الذي ذكرنا.
يترجح لدينا بالنسبة لما يتعلق بحملة العرش أنهم ثمانية، وأنهم من الملائكة، وأن الواحد منهم على الصفة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من عظم الخلقة.
أما كونهم يسبحون فهذا صريح القرآن.