حديث الأوعال رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، ويُذْكَر فيه (ثم فوق ذلك) أي: السماوات السبع، أي: فوق البحر الذي فوق السماوات: {ثمانية أوعال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك العرش} إلى آخر ما ذكر في هذا الحديث.
فيفهم منه أن حملة العرش الذين ورد ذكرهم في كتاب الله تعالى: ((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ))[الحاقة:17] هم هؤلاء الثمانية الأوعال -إن صح الحديث- وهنا ينشأ الإشكال.
والجواب على ذلك:
أولاً: أن حديث الأوعال لم يصح، وهي إجابة لأي إشكال يذكر حول الحديث.
ثانياً: أن محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه العرش ذكر رواية عن العباس بن عبد المطلب في قوله عز وجل: ((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ))[الحاقة:17] قال: [ثمانية أملاك في صورة الأوعال].
فلو صح حديث الأوعال وهذا الأثر، لكان معناه: ثمانية أملاك في صورة أوعال، وهذا جواب عن تعارض الآية مع هذا الحديث على فرض صحته، وأثر العباس المذكور آنفاً أيضاً ضعيف، فسقط الاحتجاج به وبحديث الأوعال المتقدم.
ثالثاً: أن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن حملة العرش ملائكة.
ومما يدل على أنهم ملائكة: الحديث الذي ثبت وصح في قوله صلى الله عليه وسلم: {أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش}، ثم وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف العظيم، قال: {ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة -أو عاتقه مخفق الطير- سبعمائة سنة} وهذا خلق عظيم، وهو ملك من حملة العرش، وهذا مقدار ما بين شحمة أذنه وعاتقه فقط! فكيف يُظن ببقية هذا المخلوق العظيم؟ ثم كيف يكون حال بقية الملائكة؟ ثم كيف يكون العرش؟ وهذه كلها من مخلوقات الله تعالى.
والشاهد أن حملة العرش ملائكة، وإذ لم يثبت أنهم في شكل أوعال، فيبقى أنهم -والله أعلم- في شكل آخر؛ لأنه ذكر الأذن والعاتق، وهو شكل يقرب من شكل الإنسان، والله تعالى أعلم.
لكن نقول بظاهر ما ورد هنا، وهذا الحديث صحيح كما صحح إسناده ابن كثير رحمه الله عند آية الحاقة: ((وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ))[الحاقة:17]، وكذلك صححه الذهبي رحمه الله في كتابه العلو، وكذلك محمد ناصر الدين الألباني، فهو -إذاً- حديث صحيح لاشك في صحته إن شاء الله.