أما القلب الآخر -قلب المؤمن- فيقول عنه ابن القيم رحمه الله: "وقلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها، فازداد نوره وإشراقه وقوته.
والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، فتن الغي والضلال، فتن المعاصي والبدع، فتن الظلم والجهل؛ فالأولى توجب فساد القصد والإرادة، والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد" ومن الآيات القرآنية في فساد القصد والإرادة قوله تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[هود:15-16] يريد بطلب العلم الشرعي شهوة أو دنيا أو مالاً، يريد أن يعصي الله سبحانه وتعالى وإن كان يعلم أن الله حرم ذلك، يريد أن يحقق هوى النفس، فتفسد الإرادة ويفسد الطلب؛ لكن إذا كان الأمر عن بدعة تحول الأمر إلى فساد في العلم وفساد في الاعتقاد، وهذا شر من ذلك، لكن كل منها باب للآخر؛ إذا وقع في الشهوات، فهو جدير بأن يقع في الشبهات، وأيضاً من وقع في الشبهات، فحري به أن يعصي الله سبحانه وتعالى، ويرتكب المحرمات المتعلقة بالشهوات، فهما متلازمتان.