إذاً:
الصابئون أمة موجودة في جهة
حران، ويعبدون الهياكل وهي الكواكب، وعلمهم التنجيم، وهذا مما يرجح أنهم قوم إبراهيم عليه السلام؛ لأن إبراهيم عليه السلام في مناظرته لهم -كما في سورة الأنعام- يتبين أنهم كانوا يعبدون الكواكب، قال تعالى: ((
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ))[الأنعام:76] إلى آخر الآيات.. فهم قوم يعبدون الكواكب، ويسمون عبدة الكواكب، أو الهياكل، فقد بنوا هياكل للمشتري والمريخ والزهرة وعطارد وعبدوها من دون الله.
ثم أخذوا يتعلمون التنجيم، وبقوا على ذلك في الإسلام، وهم معروفون في التاريخ الإسلامي، ومنهم الأديب
أبو هلال الصابئ، وقد كان موجوداً أيام الدولة العباسية، ومن أشهر من ذكر منهم في التاريخ الإسلامي
أبو معشر المنجم -وهو من المشهورين بالتنجيم- وهو الذي ورَّث هو وأصحابه علم التنجيم، وضرب الرمل، والتعلق بالهياكل وبعبادتها -ورثوا ذلك لمن أخذه عنهم من ضلال
الصوفية وأمثالهم،
ولهذا نجد أن كتب التصوف التي اعتنت بالسحر والشعوذة والدجل ينتهي سندها إلى الصابئين، كما فعل البوني صاحب شمس المعارف، وأمثاله، ثم إنهم ينسبون علومهم تلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى آل البيت، وحاشاهم من ذلك! وإنما هي في الحقيقة من علوم الصابئين الذين مزجوا بين التفلسف وبين عبادة الأصنام والهياكل وبين التنجيم.