ومن المناسب أن يكون سبب تحديث ابن عمر بهذا الحديث -حديث جبريل- هو إنكار القدر؛ فقد جاء نفر من أهل العراق من التابعيين إلى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه فأخبروه -كما في رواية مسلم، وهي أكمل سياقاً من رواية البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، وليس في رواية البخاري ذكر سبب تحديث ابن عمر بذلك، وهو في مسلم وغيره- أنه ظهر عندهم قوم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف -أي: مستأنف، فليس هناك أمر سابق، وإنما الأمر مستأنف جديد، وأن كل ما يقع فهو جديد، فإذا وقع قدره الله أو علمه الله كما نعلم نحن- فقال ابن عمر رضي الله تعالى عنه: [[أخبرهم أني منهم بريء، وأنهم مني برآء]]، ثم ذكر هذا الحديث عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكان التكذيب بالقدر هو السبب في تحديث هذا الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه به، والإيمان بالقدر هو أول ركن أنكره الناس من هذه الأمة، فإنهم لم ينكروا الإيمان بالله ولا بكتبه ولا برسله ولا باليوم الآخر، وإنما أنكروا القدر، ومع ذلك فإن إنكارهم للقدر يجعلهم في صفوف الكفار -لأنهم بذلك ينكرون العلم- لأن الله سبحانه وتعالى قد أقام على العلم من الأدلة ما يعرفه الناس في الجاهلية والإسلام.