إبطال نظرية العقول العشرة لأفلاطون
حين تكلم الفلاسفة الذين ينتسبون إلى الإسلام عن العرش، قالوا: ما دام أن الحديث قد ورد في العرش أنه أكبر المخلوقات، وأنه محيط بها، فهو إذاً أي -العرش- ما يسميه علماء الفلك اليونانيون: الفلك التاسع، ثم جاءوا إلى اللوح والقلم فقالوا: إن المقصود باللوح هو النفس الكلية التي تنشأ عنها جميع النفوس، والمقصود بالقلم هو العقل الأول الذي تنشأ منه العقول العشرة، ثم بعد ذلك ينشأ الكون، حسب الخيال الذي تخيله أفلاطون ومن تبعه.
فهم ينطلقون من مبدأ فج ساذج لا يمكن لأي عاقل من أي ملة أو من أي دين أن يقره، وهو قولهم: إن الكون ناقص والله كامل، والكامل لا يشغل نفسه بالناقص، فحتى لا يشتغل الله بهذا الكون؛ خلق النفس الكلية وخلق العقل الأول، ثم إن العقل الأول خلق الثاني ... وهكذا إلى العاشر، والعقول العشرة هي التي خلقت الكون، وهي التي تدبره وتديره..!
أنى لك هذا يا أفلاطون ؟! هل أنت رسول من عند الله أوحي إليك؟!
وهو لا يقول: إنه رسول.
كيف عرفت؟! ومن أين جاءك العلم؟! ولم لا تكون هذه العقول عقلاً واحداً مثلاً؟! أو لم لا تكون هذه العقول ألفاً أو مليوناً أو بعدد الأشياء الموجودة؟!
أسئلة عقلية كثيرة لا يستطيع أن يجيب عليها أفلاطون ولا أتباعه، وهم أقل من ذلك وأحقر؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ((مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا))[الكهف:51]، متى أشهدهم الله أنه خلق الكون عن طريق العقول العشرة؟! ما أشهدهم الله سبحانه وتعالى ذلك، ولا أراهم إياه ولا أطلعهم عليه، لكنهم تخيلوه وتخرصوه، فلما جاء الفلاسفة الذين يدعون الإسلام، أخذوا في المبالغة والتعظيم لليونانيين ولما أثر عنهم، فرأوا أنه لا بد أن يؤول ما في القرآن والسنة ليوافق ما قاله أولئك، ولهذا نجدهم في عدة أبحاث يتكلمون عن العقل، وضرورة العقل، وأهمية العقل، ويدخلون من هذا الباب إلى إفساد الدين والدنيا والآخرة، فقالوا: بما أننا نجد في الأحاديث أن القلم هو الذي كتب الله به كل المقادير، فإذاً هو العقل الأول ... وهكذا.
حتى الشفاعة؛ يقولون أنها ليست كما جاء في القرآن والسنة، وإنما هي فيض يفيض من الشفيع (أو المشفع) على المستشفع (أو طالب الشفاعة) دون علم الله به.. إلى آخر ما يهذون من الخرص والظن الذي لا دليل عليه.