الرد على من يزعم أن أهل السنة يفرقون المسلمين
وإذا قيل: إن أهل السنة يفرقون المسلمين، لأننا نكون في بلد ما على طريقة من طرق الصوفية -مثلاً- وبدلاً من أن نحارب الاستعمار أو الشيوعية يأتينا أهل السنة فيقسمون الناس إلى سلفي وخلفي، وسني وبدعي، فيفرقوننا وقد كنا مجتمعين!!
فالجواب: أنهم أصلاً كانوا مجانبين للطريق المستقيم، فدعاهم أهل السنة إلى الله، فمنهم من عاد إلى الطريق المستقيم، ومنهم من بقي مشاقاً له، فقد كانوا فرقة واحدة بعيدة عن الصراط المستقيم، فإذا دعاهم أهل السنة إلى الله واستجاب منهم من استجاب، فقد أصبح على الصراط المستقيم، وهذا لا يعد من التفريق، وإنما يعد من الفرقان، فإن الله سبحانه وتعالى سمى القرآن: فرقاناً، وسمى يوم بدر: يوم الفرقان، فالفرقان غير التفرق، وقد زعم كفار قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الآباء والأبناء، وقطع الأرحام، فهل يُقَرون على ذلك؟ لا يقرون عليه أبداً؛ فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مفرقاً، وإنما كان فرقاناً، فمن آمن به صلى الله عليه وسلم انقطعت صلته بذلك الكافر، فانقطعت صلة أهل الإيمان والنور والخير عن أهل الشرك والضلال والشر، وقد أمره ربه عز وجل فقال: {وقاتل بمن أطاعك من عصاك}، وحصل ذلك يوم بدر، فالابن يقاتل أباه، والأب يقاتل ابنه، والأخ يقاتل أخاه، فهذا في الحقيقة فرقان، وليس تفريقاً ولا قطعاً للأرحام.
بل إن الله سبحانه وتعالى قد ذم المشركين وعابهم لأنهم هم الذين يقطعون أرحامهم، ولو كانوا يصلون الرحم لما حاصروا النبي صلى الله عليه وسلم في الشعب، ولما اضطهدوا أصحابه حتى ألجئوهم إلى الهجرة إلى الحبشة وهم أبناؤهم وأرحامهم، وما نقموا منهم إلا أنهم قالوا: لا إله إلا الله، ووحدوا الله، وآمنوا به.
فالذين يقطعون الرحم إنما هم المشركون، والذين يفرقون المسلمين هم الذين يمنعون الفرقان أن يكون في الأرض، ليتميز أهل الخير والحق والهدى عن أهل الشر والباطل والضلال.
ولابد من الفرقان، حتى تستبين سبيل المجرمين، أما اجتماع الأمة على الباطل فإنه أضر شيء عليها، ولا يسمى ذلك اجتماعاً، وخير منه -بل الواجب- أن يكونوا جميعاً من أهل الحق، فإن لم يكن ذلك -وهذا هو الواقع، وهو سنة من سنن الله عز وجل- فالافتراق لابد أن يكون بين أهل الحق وأهل الباطل.