حرص أهل السنة على جمع كلمة المسلمين
إن أهل السنة والجماعة هم أحرص الفرق على جمع كلمة المسلمين، ولا توجد فرقة أو طائفة تحرص على جمع كلمة المسلمين كـأهل السنة والجماعة ؛ لأنهم هم الذين ينتمون هذا الانتماء، ويسمون بهذا الاسم العام الواضح، فكل مسلم هو منهم ومعهم ما دام على طاعة الله، حتى تظهر منه بدعة تخرجه عن دائرة أهل السنة، فلا يستطيع شيعي أن يقول: إن فلاناً شيعي؛ إلا إذا تأكد لديه أنه شيعي، أو أظهر أنه شيعي، ولا يستطيع أحد أن يقول: إن هؤلاء الناس معتزلة؛ إلا إذا تأكد، أو أظهروا أو كتبوا أو قالوا: إننا معتزلة مثلاً، لكن عند أهل السنة أن كل من كان على الإسلام وعلى الحق، فهو من أهل السنة، حتى يظهر خلاف ذلك، فهؤلاء على الأصل الذي عليه المسلمون جميعاً، والصحابة رضوان الله عليهم كانوا كلهم كذلك، فلم يكن فيهم خارجي ولا صوفي ولا شيعي، وكانوا يسمون بالمسلمين، ثم لما حدثت الفتنة وافترقت الأمة، ظهرت هذه الأسماء، فإذا قيل: الشيعة؛ عرف أنهم شيء خارج عن هذا الكيان الذي هو مسمى أهل السنة والجماعة، وإذا قيل: الخوارج؛ عرف أنهم جزء خارج عن هذا الكيان.. وهكذا.
فـأهل السنة هم أحرص الناس على جمع كلمة المسلمين؛ لأنهم لا يدعون إلا إلى الكتاب والسنة، فإذا قال المسلم: طريقتي كذا، ومذهبي كذا، وسألته عن طريقته ومذهبه: من أين أخذها؟ فسيجيب: من الكتاب والسنة -بغض النظر هل هو صادق أم كاذب- فأياً كان مذهبه أو طريقته، فنحن ندعوه إلى ما هو مقر بأنه الأصل، وهو الكتاب والسنة، إذاً: الفرقة التي تحرص على جمع كلمة المسلمين وعلى توحيد صفوفهم جميعاً هم أهل السنة ؛ لأنهم يدعون إلى ما يجتمع عليه جميع المسلمين على اختلاف طوائفهم وفرقهم.
يجدر بنا التنبيه على قضية هامة، وهي: التفريق بين كلمة (الفِرَقَ)، وبين (التَفَرُّق)، فالتفرق والاختلاف دائرته أوسع من (الفِرَق) الاعتقادية المقصودة بـ (الاثنتين والسبعين)، فهذه فرق ضلال وبدعة، والتفرق قد يوجد بين أهل السنة -مع أننا منهيون عنه- وهذا التفرق والاختلاف غير الافتراق الذي هو أن ينتهج الإنسان شعبة من شعب الضلالة الاثنتين والسبعين. فالتفرق أهم من الافتراق، ولكي لا يحصل الشقاق والتفرق يجب أن نوحد دعوتنا بأن ندعو إلى اتباع الكتاب والسنة، وألا ندعو إلى مذهب إمام من الأئمة، فإن أتباع الأئمة الآخرين سيرفضون ذلك؛ لاعتقاد كل واحد أن إمامه على الحق دون غيره، فلن تتوحد الأمة إلا على الكتاب والسنة.