وهناك ميزة تميز بها أهل السنة والجماعة وقد فطن لها كثير من السلف بعد أن ظهرت الفرق، فقد روي عن أيوب السختياني وعن غيره أنهم سئلوا: ما علامة أهل السنة ؟ قال: (الذين ليس لهم اسم إلا السنة)، فليس لهم اسم غيره يتميزون به عن سائر المسلمين، وهذه الميزة لا توجد في أي طائفة من الطوائف ولا في أي فرقة مطلقاً؛ فإن غير أهل السنة ينتسبون إلى غير السنة، أما أهل السنة فإن انتماءهم رباني، قال الله تعالى: ((وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ))[آل عمران:79]، فهم ربانيون ينتسبون إلى الإسلام، والإسلام هو لله، فهذا الانتماء الرباني استسلام لرب العالمين، وكذلك التسمية التي سماهم بها الله سبحانه وتعالى: ((هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا))[الحج:78]، فإذا سئل الإنسان عن انتسابه، قال: أنا مسلم، فإذا قيل له: من أي المسلمين؟ قال: من أهل السنة، وليس لـأهل السنة اسم إلا أهل السنة.
وأهل البدع يُسمون أهل السنة بالوهابية، أو التيمية، أو الحشوية، وهذا ليس بحجة عليهم؛ لأنه ليس أحد من أهل السنة يقول: أنا وهابي، أو أنه ينتسب إلى الوهابية، ولا يرضى أن يقال له أنه حشوي أو مجسم أو مشبه، فهذا نبز نبزهم به أعداؤهم ولقبوهم به، أما هم فلا يسمون أنفسهم إلا أهل السنة، ولا يعني ذلك أن أهل السنة لا يصفون أنفسهم بغير ذلك من الأوصاف غير العلمية، فلو أن بعض أهل السنة في بلد سموا أنفسهم مثلاً: أهل الحق، أو أهل الدعوة، أو أهل الإيمان، أو أنصار السنة مثلاً، أو سموا نسبة لإقليم من الأقاليم مثل أهل الشام، أو غير ذلك؛ فهذه الأوصاف لا غضاضة فيها، إنما الذي لا يفعله أهل السنة هو أن يجعلوا لأنفسهم علماً يعرفون به غير السنة؛ يوالون عليه ويعادون عليه، ويعتبرون كل من كان خارجاً عنه ليس على الحق، فهذا لا يوجد إلا عند أهل البدع، كما يقولون في المثل الشعبي: (كل شيخ له طريقة)، فإذا تناقشت مع أحدهم في قضية من قضايا الدنيا يقول: (كل شيخ له طريقة) يعني: أنت لك رأيك وأنا لي رأيي.
والواقع أن أهل البدع فرَّقوا الدين، وفرَّقوا الأمة، حتى صار كل شيخ له طريقة، فإذا أخبرت أحدهم أنك صوفي فلابد أن تبين من أي الفرق أنت، أقادري أنت أو تيجاني أو نقشبندي؟ فإن موالاته ومعاداته لك ليست واضحة حتى تحدد طريقتك! فإن كنت على طريقته فأهلاً وسهلاً، وإن كنت على غير طريقته، قال لك: لست منك ولست مني..
فانتماء أهل السنة والجماعة إلى الإسلام والسنة من أعظم ما يميزهم عن غيرهم.