الصفة الأولى: اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتحاكم إليهما في كل صغيرة وكبيرة؛ فإن ذلك من صفات أهل السنة، بل هي أولها وأعظمها، ولهذا فهم لا يقدمون على الكتاب والسنة رأياً ولا عقلاً، ولا ذوقاً ولا كشفاً، ولا قول إمام أو شيخ كائناً من كان، بل يتبعون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقدمونهما على قول كل أحد حتى على آرائهم، وعلى أنفسهم، ونتيجة لذلك نجد أن أهل السنة والجماعة في جميع العصور يهتمون بالكتاب والسنة؛ لأنهما المرجع الذي يرجعون إليه ويتبعونه، فيهتمون بكتاب الله حفظاً وتلاوةً، وتفسيراً وتطبيقاً، وإقامة لحدوده، ويهتمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تصحيحاً وتضعيفاً، ومعرفةً، وتطبيقاً وإقامةً لها، فهذا حالهم، وهذا شأنهم.
وهذه أعظم ميزة يتميزون بها عن جميع الطوائف وسائر الفرق، ولو نظرنا إلى كل الجهود التي بذلت لخدمة الكتاب والسنة -ولاسيما في علم الحديث- لوجدنا أن الفضل الأكبر واليد الطولى في ذلك -بعد توفيق الله سبحانه وتعالى- لـأهل السنة، ومن خدمها من أهل البدعة، فإن ذلك يُعد نعمة عليه أن شغله الله سبحانه وتعالى بالسنة، ولو اشتغل بغيرها لكان أبعد عن الدين، ولكن اشتغاله بالسنة مع ما لديه من الهوى؛ يجعل درجته ومنزلته في برزخ بين أهل البدعة المحضة، وبين أهل السنة المحضة.