إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالافتراق
الشرح:
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة ستفترق، وأخبر أن افتراقها سيكون أعظم من افتراق الأمم التي قبلها من أهل الكتابين (اليهود والنصارى)، وأخبر بما هو أعظم من ذلك، وهو أنها سوف تحتذي بالأمم الكافرة (فارس والروم) في كل الموبقات التي يترفع عنها المسلم، والتي لا يصدق أنها قد تقع منه.
والتفرق في الدين يكون في الأهواء، والشيع، والأحزاب، والفرق، وقد حذر الله من التفرق في جملة الوصايا العشر -التي أمر بها كل أمة، وأنزلها على كل نبي- فقال تعالى: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ))[الأنعام:153]، فهذه السبل هي إحدى مظاهر الافتراق في الدين، وأعظم من ذلك مشابهة المشركين ومتابعتهم عموماً في أخلاقهم وأحوالهم ومعاملاتهم، فهي منكرات كبيرة، منها ما يخرج من الملة، وهي من السبل الكثيرة أيضاً، ولكن الكلام في التفرق في الدين بالذات -أي في الابتداع في الدين- يعود إلى ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من كونها ثلاثاً وسبعين فرقة.
فمتى وقع الخلاف؟ وما هي الأصول التي وقع الخلاف فيها؟ وما هي الفرقة الناجية؟ وما هي صفاتها؟ وما حكم الفرق المختلفة؟ هذا ما سنتعرض له إن شاء الله تعالى، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك.