المادة كاملة    
(سلوني قبل أن تفقدوني) كتاب ألفه أحد شيوخ الرافضة المعاصرين، وفيه من الغلو ما فيه، وقد ختمه بفصل عن إمامة علي رضي الله عنه بعنوان: الإمامة ضرورة كونية، وكأنه يشرح ويوضح ما أجمله الخميني في (مصباح الهداية)، وهو ينقل كثيراً عن الفلاسفة كابن سينا وغيره.
  1. مذهب الإثني عشرية في الإمامة وعصمة الأئمة

     المرفق    
    إن من الكتب المهمة عند الرافضة الإثني عشرية كتاب: سلوني قبل أن تفقدوني وقد ألفه أحد شيوخ الرافضة المعاصرين، ويدعى محمد رضا الحكيمي، وقدم له أحد آيات الضلالة، وهو محمد الشيرازي، وآية أخرى من آيات الضلال والإلحاد، وهو ميرزا حسن الأحقاقي الحائري، وفيه من الغلو ما فيه.
    1. علاقة الشيعة بالفلاسفة والباطنية

      نقل المؤلف في الكتاب نقولاً عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ثم ختمه بفصل عن إمامة علي رضي الله عنه، بعنوان: الإمامة ضرورة كونية، وكأنه بذلك يوضح ويشرح ما أجمله الخميني ؛ حيث كان كلام الخميني مأخوذاً من كلام ابن عربي من حيث الغموض الباطني والفكر الفلسفي، أما هذا فهو أوضح منه.
      والعجيب أن الخميني ينقل كلام ابن عربي، بل يكاد كلامه يكون كلام ابن عربي، أما هذا فنجده ينقل كلام ابن سينا -الشيخ الرئيس كما يسمونه- وهو أبو علي بن سينا، وقد سبق أن قلنا: إن ابن سينا على مذهب الفلاسفة، وقد شرحنا بعض أقوال الفلاسفة فيما مضى، وذكرنا عقيدتهم في الله، وأن ابن سينا من نسل العبيديين، فهو في الظاهر يدعي أنه من الشيعة الإثني عشرية الجعفرية، الذين يتزعمهم الآن أتباع الخميني، وهو في الحقيقة فيلسوف لا يؤمن بأي دين، فعندما أراد هؤلاء أن يستدلوا على إثبات الإمامة ودرجتها وصفاتها، ذهبوا يستدلون عليها بكلام ابن سينا، الذي هو منهم في الظاهر ومن الفلاسفة الملاحدة في الحقيقة.
    2. دعوى الشيعة وجوب الإمامة على الله وعصمة الأئمة

      وأصل تسمية هذا الكتاب (سلوني قبل أن تفقدوني ) عبارة تنسبها الشيعة إلى علي رضي الله عنه، والشيعة تتذرع بها إلى ادعاء أن علياً يعلم الغيب كله، ويعلم العلوم كلها، وأنه كان يقول: "سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عما دون العرش"، وأهل السنة يفسرون مثل هذه العبارة -إن صحت عن علي - بأنه قد كان أعلم الناس بعد موت أبي بكر وعمر وغيرهما، وكانت شيعته لا تسأله عن العلم لانشغالهم بالفتن، فكان يقول ذلك.
      والشيعة حين يقولون بأن علياً يعلم الغيب، فهم يريدون من ذلك إثبات الإمامة له ونفيها عن غيره، ولذلك يقول الدكتور علي أحمد السالوس في كتابه أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله (ص:29): "يعتقد الجعفرية أن الإمامة كالنبوة في كل شيء، باستثناء الوحي، فالقول فيه مختلف، ولذلك قالوا: إن الإمامة أصل من أصول الدين، لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها"، وهذا كلام صحيح، فـالجعفرية يعتقدون ذلك، يقول محمد رضا الحكيمي في كتابه المذكور (ص:403): "فلو قلنا: إن النبوة رئاسة عامة إلهية في أمور الدين والدنيا، وكذلك: لمن يقوم مقامه نيابة عنه بعده -رئاسة عامة إلهية فيهما- لما قلنا شططا"، إذاً الخلافة رئاسة عامة إلهية في أمور الدنيا والدين. يقول: "فكل ما دل على وجوب النبوة ونصب النبي وتعيينه على الله؛ فهو دال كذلك على القائم مقامه بعده، إلا في تلقي الوحي الإلهي" ويفهم من هذا أنهم يوجبون على الله أموراً، وهو مذهب المعتزلة، وقد سبق أن بينا أنه تعالى لا يجب عليه شيء، ولكنه سبحانه كتب على نفسه أشياء كالرحمة. يقول "ونسمي القائم مقام النبي بالإمام، وإن كان النبي إماماً أيضاً بذلك المعنى".
      فهم يعتقدون أنه يجب على الله وجوباً عقلياً أن يبعث نبياً، وكل ما دل على وجوب النبي ووجوده وضرورته فهو أيضاً دليل على النائب من بعده، وهو الإمام، ويجب أن يكون الإمام كالنبي في كل شيء إلا الوحي وسيأتي خلافهم في تفسيره.
    3. اتصاف الإمام بكل صفات النبي عند الرافضة

      ثم يقول: "فنقول: بعدما استقرت الشريعة، وثبتت العبادة بالأحكام، وأن الإمام إمام في جميع الأمور، وهو الحاكم الحاسم لرد النزاع، ومتولي الحكم في سائر الدين، والقائم مقام النبي، وفرعه وخليفته وحجته في الشرع، فلابد من أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً له في الصفات الكمالية، وعالماً بجميع الأحكام" إذاً لا يمكن أن يكون الإمام إماماً في نظرهم إلا أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً به في كل كمالاته، وعالماً بجميع الأحكام، ومعصوماً عن الخطأ في السهو والعمد. يقول: "وأيضاً: إن أحد ما احتيج فيه إلى الإمام: كونه مبيناً للشرع، وكاشفاً عن ملتبس الدين وغامضه، فلابد من أن يكون في ضروب العلم كاملاً غير مفتقر إلى غيره، فولاة أمر الله خزنة علمه وعيبة وحيه، وألا يتطرق التبديل والتغيير في دين الله" ثم يأتي بكلام رئيسهم فيقول: "ولذا صرح الشيخ الرئيس في آخر الشفاء ... إلخ" فهو يستدل بكلام ابن سينا .
      ثم يقول في فصل يتحدث فيه عن الخليفة والإمام: "إن الإمام مستقل بالسياسية، وأنه أصيل العقل، حاصل عنده الأخلاق الشريفة: من الشجاعة، والعفة، وحسن التدبير، وأنه عارف بالشريعة، حتى لا أعرف منه" أي: حتى لا يوجد أحد أعرف منه، ثم يقول موضحاً أنه لابد أن يكون الإمام معصوماً عن الذنوب: "إنه لو كان الإمام عاصياً عن أمر الله تعالى، ومذنباً سواء كانت الذنوب صغيرة أو كبيرة، فنقول أولاً: إنه لما كانت العلة المحوجة إلى الإمام هي رد الظالم عن ظلمه، والانتصاف للمظلوم منه، وحمل الرعية على ما فيه مصالحهم، وردعهم عما فيه مفاسدهم، ونظم الشمل، وجمع الكلمة، فلو كان مذنباً مخطئاً لاحتاج إلى آخر يردعه عن ظلمه، وأيضاً فإن الإمام لما كان قدوة في الدين والدنيا، مفترض الطاعة من الله، ولو ارتكب المعصية، يتضاد التكليف على الأمة، فإن اتبعته الأمة اتبعته في المعصية، فعصوا الله، وإن خالفوه فيها فعاصية أيضاً" يعني: إذا ما أعطيناه صفات النبوة، وأنه لابد أن يتبع؛ فلابد أن يكون معصوماً.
  2. الأدلة على فساد القول بعصمة الأئمة

     المرفق    
    يقول الإمامية: إذا افترضنا أن الإمام يخطئ ويذنب، فإذا فعل الذنب فواجب على الأمة أن تتبعه كما تتبع الرسول، فإذاً تتبعه في الذنب وإن لم تتبعه فهي عاصية؛ لأنها لم تتبعه وهو إمام مأمور أن تتبعه كما تتبع الرسول؛ قالوا: إذاً فالحل أن يكون معصوماً، فسبحان الله! كان الأصل فيهم أن يستدلوا بخطئه على عدم عصمته، ولكنهم عوضاً عن ذلك يثبتون له العصمة.
    1. الواقع شاهد بعدم عصمة الأئمة

      لكننا نقول: لا يمكن أن يكون الإمام معصوماً، والواقع يشهد بذلك، فهذا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهو الذي يدندنون ليل نهار بذكرى استشهاده، وينوحون عليه كنياحة الجاهلية، مع أننا جميعاً نألم لمقتل الحسين رضي الله عنه، لكن نعتقد نحن المسلمين أن مقتل الحسين بن علي ليس أشد ألماً من مقتل أبيه، ولا مقتل أبيه أشد من مقتل عمر بن الخطاب، ولا مقتل عمر أشد ألماً من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فلا نعمل هذه المناحات لوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لمقتل علي، والشاهد هو: أن الحسين -وهو إمام معصوم- خرج من المدينة إلى الكوفة مخدوعاً بكلام الرافضة، الذين قالوا له: تعال لنبايعك ونحميك، ثم تركوه يلقى عدوه وحده مع أهل بيته، بل بعضهم قاتل مع عدوه، حتى كان ما كان من قتله واستشهاده، فأين قولهم: إنه إمام معصوم، لا يخطئ؟ وإذا كان ما فعله هو عين الصواب المأمور به، المتقرب به إلى الله، فلا يحق لهم أن ينوحوا عليه، ولا يحق لهم أن يتهموا غيرهم بالتقصير؛ لأن ذلك أمر الله الذي أمره به وهو عين الصواب! وإن قالوا: إنه أخطأ وخدع وخرج بغير أمر من الله، فقد أقروا أنه أخطأ، وأنه غير معصوم.
    2. عدم تحقق المصلحة من الأئمة يدل على عدم عصمتهم

      ويقال لهم أيضاً: أنتم تقولون: إن نصب الإمام ضرورة تقتضيها مصلحة العباد وتدبير أمورهم، ونظم شملهم، وإقامة العدل بينهم، وتبيين الأحكام لهم، ولذلك وجب أن يكون معصوماً كالنبي، لأن وظيفته النيابة عنه، فنقول: أيهما أنفع للأمة: إمام غير معصوم، ولكن رفع الله به الدين، وأعلى به كلمة الإسلام، وجاهد في الله حق جهاده، وقسم بين الرعية بالعدل، وأمَّن الطرق، وأقام الحدود، أم المعصوم الذي لم يفعل شيئاً من ذلك، ولم يستفد منه الناس، بل تضرر كثير من أتباعه، ولم تتحقق به مصلحة.
      وأيضاً أنتم تقولون: إن الغرض من الخلافة النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي هذا الدين يحرسه الخلفاء، فنسألهم: مَنْ مِنْ أئمتكم فعل ذلك؟
      إن أعظم أئمتهم هو علي رضي الله عنه، وقد تولى في زمن فتنة، وكان القتال بينه وبين المسلمين قائماً على ساق، وكان جهاد الكفار معطلاً، وأفضل ما عمل هو قتله للخوارج، وهذا عمل جليل بلا ريب، ولكنهم يعدون من المسلمين عند جمع من العلماء، بل عنده هو رضي الله عنه، أما من جاء بعده من أئمتهم فلم يحكموا، فـالحسن تنازل عن الخلافة، وغيره لم يحكم أصلاً، إذاً فحكمة الله بطلت بالكلية؛ لأنهم يقولون: إن من حكمته أن يكون الإمام كاملاً معصوماً، ليحرس الدين ويؤمن المسلمين، وهذا لم يقع لأئمتهم.
      ونحن نقول: إن الإمام بشر يخطئ ويصيب، ولكن الأفضل من هؤلاء البشر هو الذي يكون إماماً للمسلمين، وهؤلاء الذين كانوا أئمة فعلاً كـأبي بكر الذي هزم الله به المرتدين، وقطع دابرهم؛ وابتدأت الفتوحات في عهده، ثم جاء عمر رضي الله عنه ففتح الله له المملكتين: فارس والروم، فدانتا وخضعتا له، فكانا أنفع للمسلمين مع أنهما غير معصومين.
  3. الإمامة أصل من أصول الدين عند الرافضة

     المرفق    
    يقول السالوس: "قالوا: إن الإمامة أصل من أصول الدين، لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها، فمن لم يذهب مذهبهم في الإمامة؛ فهم يجمعون على أنه غير مؤمن، وإن اختلفوا في تفسير غير المؤمن هذا، فمن قائل بكفره، إلى قائل بالفسق، وأكثرهم اعتدالاً أو أقلهم غلواً يذهب إلى أنه ليس مؤمناً بالمعنى الخاص، وإنما هو مسلم بالمعنى العام، ما لم يكن مبغضاً للأئمة وشيعتهم، فضلاً عن حربهم، فهو يعد كافراً عند جميع الجعفرية "، أي: فمن لم يعترف بإمامة هؤلاء الأئمة فهو كافر عندهم، ويورد السالوس أقوالهم في مراجعهم " بحار الأنوار: (باب جامع في صفات الإمام وشرائط الإمامة، وباب أنه جرى لهم -أي الأئمة- من الفضل والطاعة مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم في الفضل سواء)".
    1. مذهب الرافضة في تكفير من أنكر الإمامة

      ويقول السالوس في حاشية أخرى: "ذكر الحلي الملقب عند الجعفرية بالعلامة بأن إنكار الإمامة شر من إنكار النبوة!
      حيث قال: الإمامة لطف عام، والنبوة لطف خاص، لإمكان خلو الزمان من نبي حي، بخلاف الإمام، وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص"، أي فيكون أهل السنة كفاراً إذا أنكروا إمامة أئمتهم؛ لأن إنكار الإمامة عندهم أشد من إنكار النبوة،وكون الإمامة لطفاً عاماً مبني على مسألة اللطف عند المعتزلة، وكونه أعم من النبوة يقتضي أن من ينكرها أشد كفراً ممن ينكر النبوة، ومن أدلتهم على ذلك ما نقله صاحب كتاب: سلوني قبل أن تفقدوني من كلام أمير المؤمنين علي لـكميل بن زياد قال: "لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة: إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته".
      وهذا حق، فلا تخلو الأرض من قائم لله بحجة والحمد لله، فلابد أن يظهر في الأرض من يقيم الحجة، ويجدد الدين، فالعلماء والخلفاء حملة كتاب الله في جميع العصور يقومون لله تعالى بالحجة، فمنذ ظهور الإسلام، إلى أن تهب الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة، وهذا هو المقصود، لكنهم يجعلون هذا وأمثاله دليلاً لهم.
      يقول السالوس ناقلاً عن كتاب آخر: "وعقَّب أحد علماء الروافض على كلمة الحلي فقال: نعم ما قال!" بل بئس القول ذلك القول، يقول: "وأضاف: وإلى هذا أشار الصادق بقوله عن منكر الإمامة: "هو شر الثلاثة"، فعنه أنه قال: "الناصبي شر من اليهود، قيل: وكيف ذلك يابن رسول الله؟! فقال: إن اليهودي منع لطف النبوة وهو خاص، والناصبي منع لطف الإمامة وهو عام"، وما دام كلام الحلي مبنياً على كلام جعفر، فهو مقبول لأنه عندهم ثقة مقبول.
    2. مذهب الرافضة أن من أنكر الإمامة فهو أشد كفراً ممن أنكر النبوة

      يقول السالوس : "وفي مصباح الهداية ذكر المؤلف أن الإمامة مرتبة فوق النبوة، وقال ابن بابويه القمي الملقب عندهم بـالصدوق : اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده، أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحداً من بعده من الأئمة، أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء، وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم" يعني: لو أن شخصاً -ولو كان من الرافضة- قال: أنا أؤمن بإمامة علي والحسن والحسين وعلي زين العابدين والباقر والصادق والكاظم حتى وصل إلى الحادي عشر وتوقف وقال: أما الإمام الثاني عشر فلا أستطيع الإيمان به؛ لأني لا أصدق أنه باق في السرداب مئات السنين؛ فهو كافر عندهم ككفر من أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بل عند الرافضة أن آخر الأئمة هو أفضلهم؛ لأنه هو الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً بزعمهم، نعوذ بالله من الضلال.
      يقول السالوس أيضاً: "وقال المفيد : اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة، وجحد ما أوجبه الله له من فرض الطاعة؛ فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار"، ومثل هذا كثير في كتبهم، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب بحار الأنوار للمجلسي .
  4. ذكر أقوال أئمة الرافضة في عصمة الأئمة

     المرفق    
    يقول: "ثانياً: الإمام كالنبي في عصمته وصفاته وعلمه" وقد قرأنا من كلام الرافضي ما يدل على ذلك.
    يقول السالوس تعبيراً عن مذهبهم: "فالإمام يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان"، وهذه الصفات أعلى من صفات الرسل؛ لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يقع منهم السهو والخطأ والنسيان. يقول: "ويجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال: من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل، ومن تدبير وعقل وحكمة وخُلُق.
    أما علمه: فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله.
    وإذا استجدَّ شيء لابد أن يعلمه من طريق الإلهام" يعني أنه إذا وقعت واقعة جديدة ليس عنده فيها علم لا من النبي ولا من الإمام الذي قبله فهنا يأتيه الإلهام قال: "بالقوة القدسية التي أودعها الله فيه، فإن توجه إلى شيء، وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه عليه" أي: فمجرد أن يفكر في شيء ويريد أن يعرفه، فإنه يعرفه على حقيقته من غير خطأ ولا اشتباه، يقول: "ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلمين، وإن كان عمله قابلاً للزيادة والاشتداد".
    1. وجه الشبه بين الرافضة والنصارى في القول بانتقال روح القدس

      قال: "وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليسدده ويرشده ويعلمه، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ظل الملك بعده ولم يصعد، ليؤدي نفس وظيفته مع الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم" إذاً فالملك لا يصعد إلى السماء، قال: "فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام" ثم قال: "والإمام يرى به" أي: يرى بروح القدس، "وفي الحاشية فسر الرؤية بقوله: يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض"، يعني: أن الإمام يرى بروح القدس ما غاب عنه في أقطار الأرض "وما في عنان السماء، وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى"، وهذا يشبه ما قالته النصارى في عيسى، وهذا هو كفر النصارى حيث يقولون: الأب والابن والروح القدس، ومنهم من يقول: إن الأب يحل في الابن، وهذا قول إحدى فرق النصارى، ومنهم من يقول: إن روح القدس هو الذي يحل... إلى آخر كلامهم المضطرب في الأقانيم، فإذا كان روح القدس هذا، وبنفس الاسم الذي عند النصارى، يحل في هذا الإمام، فيرى به كل شيء، ويعلم الغيب كله، إذاً فهذه شعبة من شعب النصرانية .
      يقول: "وانظر بحار الأنوار، باب: الأرواح التي فيهم -يعني: في الأئمة- وأنهم مؤيدون بروح القدس، وقال ابن بابويه القمي في رسالته: اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة، أنها موافقة لكتاب الله، متفقة المعاني غير مختلفة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه" يعني أن أي أثر أو خبر يأتينا عن الأئمة، فاعتقادنا فيه أنه موافق لكتاب الله، وأن هذه الآثار متفقة المعاني غير مختلفة، لا يمكن أن يكون فيها خلل ولا اضطراب، فأقوالهم معصومة؛ لأنها مأخوذة من طريق الوحى عن الله تعالى.
      إذاً فهم يعتقدون أن الله يوحي إلى الأئمة، ومعلوم أن من اعتقد أن أحداً يوحى إليه بعد محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر قطعاً، ولا حظ له في دين الإسلام، والقمي هو صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه، أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية، وهو من أشهر كتبهم بعد الكافي .
    2. الخلاف بين الرافضة في القول بجواز السهو أو النسيان على الإمام

      يقول السالوس: وقال المجلسي : أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم، من الذنوب الصغيرة والكبيرة، عمداً وخطأً ونسياناً، قبل النبوة والإمامة وبعدهما" وهذا إجماع من الإمامية على أن الإمام معصوم من الذنوب صغيرها وكبيرها، عمداً وخطأ ونسياناً قبل الإمامة وبعدها قال: "ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه، وشيخه ابن الوليد ؛ فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى، لا السهو الذي يكون من الشيطان، في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام"، وهذا قريب مما نظن نحن في النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى ينسيه بعض الأمور ليشرع لنا فيها، كما وقع من سهوه في صلاته، فهم يخالفون الإجماع ويقولون: لا يمكن أن يقع السهو من الإمام إلا أن يسهيه الله، والإسهاء من الله غير السهو الذي يكون من الشيطان، وهو إنما يكون أيضاً في غير ما يتعلق بالتبليغ والأحكام، ومثال ذلك: أنه قد ينسى أن يأكل أو يلبس حذاءه، أما التبليغ والدين فلا ينسى أبداً، ولا يسهو فيها أبداً قال السالوس: "وقال الطوسي : "لا يجوز عليهم -أي الأئمة- السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه، أو يسهوا عنه، ما لم يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل. وكيف لا يجوز عليهم ذلك، وهم ينامون ويمرضون، ويغشى عليهم، والنوم سهو، وينسون كثيراً من متصرفاتهم أيضاً، وما جرى لهم فيما مضى من الزمان".
      أقول: ولأصحاب الإجماع منهم أن يجيبوا على كلام الطوسي بأنه غير صحيح؛ لأنه وإن كان الإمام ينام؛ لكن روح القدس معه، وروح القدس لا ينام، وبذلك ينقضون كلامه، نعوذ بالله من الضلال!
  5. من خصائص الأئمة عند الرافضة

     المرفق    
    1. ضرورة الإمام المعصوم لكل عصر

      يواصل الدكتور علي السالوس حكاية مذهب الرافضة الإثني عشرية، فيقول:
      "ثالثاً: لابد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر، وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين، وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس" يعني: أنه إذا كان النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم -وهي المنزلة التي أعطاها الله لنبينا محمد- فهذه المنزلة العظيمة تكون للإمام أيضاً. وعللوا ذلك بما ذكره عنهم كما يأتي: يقول: "لتدبير شئونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان من بينهم. وعلى هذا فالإمامة استمرار للنبوة.
    2. وجوب طاعة الأئمة الاثني عشر وكفر من رد عليهم

      رابعاً: الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، وهم الشهداء على الناس، وهم أبواب الله، والسبل إليه، والأدلاء عليه. فأمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه، ولا يجوز الرد عليهم، والرد عليهم كالرد على الرسول، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى، فيجب التسليم لهم، والانقياد لأمرهم، والأخذ بقولهم".
      يقول: "ولذا فـالجعفرية يعتقدون أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير ماء أئمتهم، ولا يصح أخذها إلا منهم، ولا تفرغ ذمة المكلف بالرجوع إلى غيرهم، ولا يطمئن بينه وبين الله تعالى إلى أنه قد أدى ما عليه من التكاليف المفروضة إلا من طريقهم" يعني: أن من تعبد الله بما قال أبو بكر أو عمر، أو بفتوى ابن عباس، أو أحد الأئمة الأربعة؛ فإنه لم يطع الله، ولم يؤد حقه، ولن يقبل الله منه؛ لأن الله لا يقبل إلا من طريق الأئمة.
    3. النص على الأئمة وارتفاع منزلة الإمامة على النبوة

      ثم يقول: "خامساً: ما دامت الإمامة كالنبوة، فهي لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله، أو لسان الإمام المنصوب بالنص". إذاً لا تكون الإمامة إلا بالنص، ولا تكون بالاختيار، فإذا اجتمعت الأمة واختارت إماماً فلا تصح إمامته، وإنما الإمام هو المنصوص عليه من الله تعالى بواسطة النبي أو الإمام الذي قبله، فيقول الإمام: الإمام بعدي فلان.
      والروافض يجعلون الإمامة فوق النبوة، يقول صاحب كتاب: سلوني قبل أن تفقدوني : وفي الوافي (2/17): عن الصادق عليه السلام قال: "إن الله تعالى اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً، وإن الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً، وإن الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً، وإن الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً، فلما جمع له الأشياء قال : ((إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا))[البقرة:124]"، فمقصود الاستدلال هنا: أن الإمامة أعلى المراتب، فقد اتخذه الله عبداً، ثم نبياً، ثم رسولاً، ثم خليلاً، ثم إماماً وهي أعلى مرتبة، فلما بلغ الرتبة العليا اتخذه إماماً، يقول: فمن عظمها في عين إبراهيم -يعني: الإمامة- ((قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124]، قال: لا يكون السفيه إمام التقي. انتهى، قال: فرتب هذه الخصال بعضها على بعض؛ لاشتمال كل لاحقة منها على سابقه مع زيادة، حتى انتهى إلى الإمامة المشتملة على جميعها، فهي أشرف المقامات وأفضلها"، فأول المراتب العبودية ثم النبوة، فالنبوة عبودية وزيادة، ثم الرسالة، فهي نبوة وزيادة، ثم الخلة وهي رسالة وزيادة، ثم الإمامة فالإمامة خلة وزيادة، فهي خلة ورسالة ونبوة وعبودية وزيادة، وبذلك يكون الإمام أعلى درجة من الخليل، والله عز وجل له خليلان: إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فالإمام عندهم كالخليلين وزيادة، وهذا كثير في كلامهم.
      وهم يقرءون مثل هذا ويدرسونه، ويلبِّسون به على عوام المسلمين، لعلمهم أن أكثر أهل السنة يجهلون عقيدتهم، فيقولون: هذا الذي يقوله بعضكم عنا كذب وباطل. وتجدهم يقولون لبعضهم البعض: اكذب عليهم، فإن لم يصدقوك كلهم صدقك بعضهم. وكثير من أهل السنة جاهلون بعقيدتهم، فكيف يعرفون عقيدة غيرهم؟ مع أنهم في الدول التي فيها روافض نجد أن العداوة بين أهل السنة والروافض أزلية، فالبعض يعادي الروافض تقليداً وإرثاً، ولما يرونه فيهم من الدياثة والغدر وترك الدين والمروءة، وأشياء تنفر الناس منهم، لكنهم لا يبنون هذه العداوة على كفرهم وإلحادهم وضلالهم؛ وذلك بسبب جهل هؤلاء الذين يعادونهم بعقيدتهم، بل ومن العلماء من لا يعرف الفرق بين عقيدة أهل السنة والشيعة، ويقصد الاختلاف بين الفريقين على أن الشيعة يحبون علي بن أبي طالب أكثر منهم، وقد قال أحد الدعاة الكبار الفرق بيننا وبينهم أنهم يحبون علياً أكثر منا بشيء يسير. ولذلك عندما نعرف حقيقة مذهبهم نعرف لماذا نعاديهم، وإلا لكانت عداوتنا لهم على غير هدى، وهذا لا يجوز، والولاء والبراء لا يكون إلا لله، فلا يجوز أن نفعله إلا على بينة وبرهان.
    4. ذكر الأئمة الاثني عشر وبعض أحوالهم

      ثم يقول: "سادساً: الأئمة الإثنا عشر الذين نص عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم هم -: أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم الحسن بن علي، ثم الحسين بن علي، ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم أبو جعفر محمد الباقر، ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسى الكاظم بن جعفر الصادق، ثم علي الرضا بن موسى الكاظمعلي الرضا قيل: إن المأمون كان يريد أن يتنازل له عن الخلافة- ثم أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا، ثم علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا، ثم أبو محمد الحسن بن علي العسكري، وأخيراً: أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي، وهذا الذي في السرداب، وهو الحجة في هذا العصر الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، قيل: ولد سنة 256هـ، وغاب غيبة صغرى سنة 260هـ، وغاب غيبة كبرى سنة 329هـ".
      والحسن العسكري لم يكن له ولد، ولكن هذا حسب زعمهم؛ لأن بعضهم يعتقد أنه قد خرج، وهم وفق عقيدتهم قالوا: لابد أن يكون الإمام ابن الإمام السابق، فلما لم يولد له شيء، وقعوا في الحرج، ولذلك ادعوا أنه غاب ودخل السرداب، فاختلف بعد ذلك فيمن يكون باباً وحاجباً بين الناس والإمام؛ ولهذا لا يكتبون كتاباً ولا يخطبون خطبة جمعة، إلا ويذكرون فيها الإمام صاحب السرداب أو الغائب المنتظر القائم، ويقولون: عجَّل الله فرجه، وسهَّل مخرجه، يقولون في علي : كرم الله وجهه، ويقولون في جعفر : جعفر عليه السلام ؛ لأن أكثر دينهم وفقههم منسوب إلى جعفر الصادق، ولذا يسمون الجعفرية .
      ونحن نخالف الشيعة في اعتقادهم في هؤلاء الأئمة، واعتقادنا في علي والحسن والحسين معلوم، وأما علي زين العابدين فقد كان رجلاً فاضلاً، من أهل السنة والجماعة، ثم كان ابنه زيد بن علي الذي هو إمام الزيدية من أهل السنة والجماعة ولم يخالفهم في شيء إلا أنه رأى الخروج على الولاة من بني أمية. وأهل السنة قالوا: الإمام الجائر يصبر عليه، ولا يخرج عليه إلا إذا تحققت المصلحة، وهذه مسألة فقهية حكمية ليست من الأصول.
      ويبدأ الإشكال من محمد الباقر وابنه جعفر الصادق، فإنهما عاشا في عهد بني أمية ولم يكن لهما من الذكر والشهرة شيء كبير، بل كانا مغمورين غير مشهورين، وقد كان في عصرهما علماء من أئمة الإسلام ذكروا وذكرت حياتهم، وتكلم عنهم، أما هذان فكانا منزويين عن الحياة العامة ومستورين، وكان لهما تحركات خفية وسرية؛ وذلك بسبب محاربة خلفاء بني العباس لهم، وقبلهم بنو أمية، ولذلك لم يذكر عنهما الشيء الكثير، وقد اختلفت فيهما الآراء فيما بعد، وبعض الآراء يمكن أن نقول عنهما: إنها كانت صدى أو أثراً لما نُقل عنها، والناقلون عنهما في الغالب رافضة، وهم كذبة.
      فلذلك اضطرب الكلام في جعفر الصادق، ولكن البعض بالغ وقال: إن جعفر الصادق كان ماسونياً -كما قال ذلك بعض المشايخ المعاصرين- وإنه كان ملحداً باطنياً، وكان يقر شيعته على ما يفعلون، فنقول: هذا غلو ومبالغة لا يقر عليها، والذي يظهر أن الذين نقلوا عنه كانوا من أكذب الناس عند أهل السنة والجماعة، وأما الرافضة فجعلوهم قسمين: قسم الكذابين مطلقاً، وقسم الثقات الصادقين، وينقلون عنهم، ولهذا لما جاء صاحب أصول الكافي نقل الروايات الصحيحة في نظره، وذلك حسب قواعد أهل الرفض في الجرح والتعديل، وفيما نقله يوجد الكفر البواح، وهو إنما نقله معتقداً أنه الصحيح، كما فعل البخاري حينما اختار الصحيح من كلام رسول الله وأسنده في الجامع الصحيح، فاختيار الكليني هو بحسب اجتهاد علماء الشيعة في الجرح والتعديل، ولكن كثيراً ممن عدلوهم هم في الحقيقة كذبة فجرة، وأحياناً لا وجود لكثير من الرواة والأشخاص.
      وعلى أية حال نقول: بالنسبة لهؤلاء الأئمة: ((تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[البقرة:134]، ولا يهمنا إلا ما اعتقدته الرافضة فيهم، وأما هم فالغالب عليهم البراءة من غلو الرافضة، لكن قد لا نسلِّم ببراءة الجميع من الابتداع، كاعتقادهم أنهم أولى الناس بالإمامة، أو أن علياً أفضل من غيره، فربما كان يوجد ذلك في بعضهم، والعلم عند الله تعالى، ولهم تراجم في كتب أهل العلم فليرجع إليها.