و أعظم ما يُتوسل به إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو توحيده جل شأنه ثُمَّ يتوسل إليه بالعمل الصالح، وهذه هي الوسيلة العامة، أو الدعاء بمعناه العام، و{الدعاء هو العبادة}، كما صح في الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن يعبد الله فهو يدعو الله، أو من يدعو الله، فهو يعبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فكل ما يريده الناس من قربة تقربهم إِلَى الله، أو يتطلعون إِلَى وسيلة تكون لهم زلفى عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فقد جَاءَ بها الأَنْبِيَاء والرسل، وامتن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بها عليهم، وهي أعظم ما امتن به، حتى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما قَالَ: ((الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ))[الرحمن:1-4] في هذه الآيات جعل تعليم القُرْآن قبل خلق الإِنسَان لأن تعليم دين الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وما يقرب إليه سُبْحَانَهُ وما يهتدي به المهتدي إليه أعظم من كونه خلق الإِنسَان، وإلا فكم من مخلوق ليس بمهتد إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا يعرف الطريق إِلَى ربه لا فائدة في حياته، والأموات خير منه، وعدمه خير من وجوده ((أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ))[الأنعام:122] هذا هو المؤمن الذي أحياه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأنار قلبه بالإيمان والهدى، والقرآن، فهذا الدعاء بمعناه العام، والتوسل بمعناه العام، هو العبادة، ولهذا لا طريق للتوسل إِلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إلا بما شرعه الله وبما أنزله عَلَى نبيه مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما سنه رَسُولهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما عدا ذلك فلا يوصل إِلَى الله، ولا يقرب منه بل هو طريق الضلال، والغواية وفي الأخير نهايته إِلَى النار، وإلى غضب الجبار، تَعَالَى وتقدس.