لقد ذكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عن أفضل خلقه وأعلاهم درجة، وأرفعهم رتبة وقرباً منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهم الأنبياء، فقَالَ: ((أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً))[الإسراء:57] فهَؤُلاءِ الأنبياء والملائكة، والصالحون الذين ما دعوا وعبدوا إلا لمتابعتهم لطريق الأنبياء -هَؤُلاءِ- أعظم ما وصفهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى به أنهم يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ، واللهُ تَعَالَى أمرنا جميعاً بأن نبتغي إليه الْوَسِيلَةَ فَقَالَ سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ))[المائدة:35] فيجب أن نبتغي إِلَى اللهِ الْوَسِيلَةَ وأن نتزلف ونطلب الْوَسِيلَةَ إليه والقرب منه، فهَؤُلاءِ الأنبياء والملائكة والصالحون الذين عبدوا من دون الله، والذين أُشِرك بهم مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والذين ابتدع أهل الباطل وأهل الشرك في حقهم ما لم يأذن به الله، وما لم يشرعه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هَؤُلاءِ المدعوون المعبودون، الذين يشرك بهم من أشرك ويستغيث ويستعيذ ويلوذ بهم البعض، هَؤُلاءِ بأنفسهم يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ، فجبريل عليه السلام أفضل الملائكة، ومُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل البشر يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ، والملائكة الذين خلقهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مطهرين من كل ذنب، ولا تخطر لهم خاطرة بسوء أو معصية، وهم مع ذلك من خشيته مشفقون، ويعبدونه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويسبحون له بالليل والنهار، لا يملون ولا يفترون، ويتقربون إليه جل شأنه، ويخافون من عذابه وسطوته، ومن نقمته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهم بهذه الحالة من القرب ومن التقرب.