رأى المستشرقون أن الصواب في الحط من قدر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو بإنكار نبوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغمط ما أظهره الله تَعَالَى عَلَى يده من الحق، وجحد ذلك، والطعن في شخصية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سباباً وشتماً كما كانت تفعل الكنيسة ورجال الدين الغربيون في القرون الوسطى منذ الحروب الصليبية وقبلها وبعدها، فلقد كَانَ همُّ كل منهم أن يخطب فيشتم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويسبه سباً فاحشاً وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يقولون.
ومن قولهم: إنه كذاب ودجال وليس بنبي فعل وفعل وهكذا، حتى أوجدوا في العقلية الغربية الأوروبية مناعة غريبة جداً، فلا تريد أن تسمع عن هذا النبي أي شيء، كما هو حالهم إِلَى اليوم، ولا يريدون أن يقروا بأي فضل له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هذا المنهج وجده بعض النَّاس -من المفكرين الغربيين- أنه أولاً: غير علمي، لأنه مجرد شتم.
وثانياً: أن مردوده عند الْمُسْلِمِينَ عكسي، فالمسلم إذا قرأ ما كتب سوماس لامنس وأمثاله من المجرمين من شتم في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه ينفر من الغربيين، ومن النَّصَارَى نفوراً شديداً، ويشتمهم وتتوثب نفسه ولو لقتلهم أو قتالهم؛ لأن هذا لا يقر به أي مسلم مهما كَانَ ضعيفاً أو جاهلاً أو ساذجاً، فرأوا أن هناك طريقة أفضل من هذه وأجدى، لأن المستشرقين يخططون ويغيرون الخطط: وهي أن يمدحوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن يجردونه من صفة النبوة، فيقولون: هذا رجل عظيم فتح جزيرة العرب، ووحد العالم، وأسس ديناً لم تعرف البشرية مثله، وأوجد شريعة لا يوجد في الأرض مثلها، جَاءَ بكذا...، ويصفونه بكل شيء إلا أنه لا يكون نبياً.
فيجعلونه مجرد رجل عظيم كسائر العظماء، وعلى هذا كتب المؤرخ والكاتب الإنجليزي المشهور توماس كارل كتاب الأبطال، وجعل من جملة الأبطال محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو كتاب قديم في آخر القرن التاسع عشر فهلل واستبشر له أكثر المغفلين من الْمُسْلِمِينَ؛ لأنهم في ذلك اليوم كانوا في فترة ضعف وذل وهوان، وما صدقوا أن رجلاً غربياً يجعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطلاً من الأبطال مثله مثل نابليون والقائد الإنجليزي الذي هزم نابليون، وعدة أبطال من إنجليز وفرنسيين وألمان، ومن جملة الأبطال الشرقيين مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.