لكننا نقول: ما ميزة الراسخين في العلم وبمقدور كل إنسان أن يقول: ((آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا))؟
نقول: إذا كَانَ الراسخون في العلم لا يعلمون تأويله ولكنهم يؤمنون به وبمعانيه وبحقائقه وهم لا يعلمونها، فأولى وأحرى بمن كَانَ دونهم من الجهال والعوام والأتباع أن يتأسوا بهم، وهذا معنى عظيم في الآية.
فلا يتجرأ بعد ذلك مبتدع أو صاحب شبهة في التعدي والتقول عَلَى الله تعالى، وليقف حيث وقف القوم هذا هو الذي يقوي وجهة نظر القائلين بأن الوقف أولى.

وتعبير المُصنِّف [المتشابه في نفسه الذي لا يمكن أن يعرفه أحد؛ لأنه في ذاته متشابه] كما إذا قلنا: إن حقائق اليوم الآخر لا يمكن أن يعرفها أحد، لأنها في ذاتها متشابه، أي: يدق معناها، ويصعب فهمها في ذاتها فلذلك نؤمن بها. هذا هو المتشابه في نفسه.
وأما المتشابه الإضافي: ما كَانَ متشابهاً بالإضافة، أو بالنسبة لأحد دون أحد كآية يعلم تفسيرها عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، ولكن لا يدرك معناها مجاهد أو سعيد بن جبير مثلاً، كما في عدد أصحاب الكهف، مثلاً فإن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فهم المراد من الآية، وأن المعنى الصحيح في عددهم سبعة وثامنهم كلبهم، وهذا معنى يدق فهمه وتفسيره، وهو من المتشابه الإضافي الذي قلَّ من يفهمه من الناس، فمن لم يفهم معنى آية من الآيات فليردها إِلَى الراسخين في العلم ليبينوا له معناها.