إن من لم يثبت علو الله لم يصدق رسل الله وأنبياء الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم جاءوا بإثبات صفات الله، ومن أجلاها وأوضحها إثبات علوه سبحانه وتعالى، فلا يمكن أن نكون من المؤمنين برسل الله وبالكتب التي أنزلت عليهم، إلا إذا آمنا بما فيها، ومن ذلك العلو؛ خلافاً لمن جعل الأخذ بظواهر نصوص الكتاب والسنة من أصول الكفر -نعوذ بالله- وقال: (أصول الكفر ستة: ومنها الأخذ بظواهر الكتاب والسنة) وهذه مصيبة كبيرة، وكيف يقال هذا عن الكتاب الذي أنزله الله لهداية العالمين؟! وقد قال تعالى: ((
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ))[الإسراء:9].. ((
هُدًى لِلْمُتَّقِينَ))[البقرة:2]... ((
هُدًى وَرَحْمَةً))[الأعراف:52] وكم جاء وصفه بأنه كتاب هداية! فكيف يكون الأخذ بظواهره من أصول الكفر؟!
إن الإنسان بين أمرين: إما أن يؤمن بعقيدة السلف فيكون مؤمناً بالله، وإما أن يؤمن بضدها ونقيضها، فيكون قد آمن بشيء آخر غير الله، كما ذكر ذلك بعض السلف؛ حين قال له مناظره: إنه لا يؤمن بعلو الله، قال له: أنت تعبد شيئاً آخر فاطلبه! فمن قال: إنه عرف الله وعبده لكنه يزعم أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، وأنه ليس له وجه ولا يد، فقد عبد شيئاً آخر، فليطلبه وليبحث عنه، والمنكرون لصفات الله الذين يزعمون أن هذا الإنكار تنزيه، إنما يعبدون عدماً، والممثلة الذين يشبهون الله بخلقه يعبدون صنماً؛ لأنهم قالوا: إن وجهه كوجه المخلوقات، ويده كيد المخلوقات، وقدمه كقدم المخلوقات، فهؤلاء لا يعبدون الله بل يعبدون صنماً، أما من يعبد الله سبحانه فهو الذي يعرفه حق المعرفة كما جاء في كتابه سبحانه، وكما ذكر ذلك رسله عليهم الصلاة والسلام، ولا يمكن الإقرار بوجوده وتصديق رسله والإيمان بكتابه وبما جاء به رسوله إلا بإثبات علوه سبحانه تعالى.