أما ما عدا ذلك، ما يناقضه ويضاده من أنواع العلوم والمعارف الأخرى، فإنها لا تفضي إِلَى اليقين، ولا تثمر العمل الصالح، بل مآلها إِلَى الخسارة والشك والحيرة والرّيب التي تقتل الإِنسَان وهو حي بين الناس، وتورث له العمى في بصيرته وعقله وفكره فالإِنسَان قد يولد سليماً معافى في بصره، ثُمَّ يصاب بآفة أو مرض أو عاهة، فيعمى بصره فيرى الدنيا وهي ظلام، فلا يهتدي فيه إِلَى شيء، وتضيق عليه الأرض بما رحبت، فكذلك الإِنسَان يولد عَلَى الفطرة.
فإذا تعلم العلم النافع من الكتاب والسنة، وأخذ من العلوم التي لا تتعارض مع الكتاب والسنة، فإنه يزداد نوراً إِلَى نوره وهداية إِلَى هدايته، فإذا دخله الشك والريب نتيجة العلوم التي تورث ذلك ذهبت بصيرته، وذهب نور قلبه، فيصبح كالأعمى الذي يتخبط ويحار ويضيق، فهو مريض ولكنه في هيئة المعافى، ألا ترون إِلَى الذي يبتلى بمرض من الأمراض النفسية تراه يرى وهو لا يدري ماذا يرى، ويرى البشر ولكنه في الحقيقة لا يراهم، كيف تكون حياة هذا الإِنسَان؟ ومن ذلك الإِنسَان الذي يغبطه عَلَى هذه الحياة، أو يتمنى أن يكون مثله؟ هذا هو الحاصل والواقع في عالم المادة، وفي عالم الحس وفي عالم البصيرة، وفي عالم الحقيقة.