فكل من ارتكب الذنوب والمعاصي وغفل عن أمر الله، فإنه يعاني من النكد والألم، ومن سوء الحياة وفسادها بقدر ما ارتكبه من المعاصي، والمصيبة الكبرى أن كثيراً من النَّاس لا يربطون بين نقص الأموال والأنفس والثمرات وقلة الأمن، وبين الإكثار من المعاصي والذنوب، كالربا والزنا والتبرج وشرب الخمر، والإعراض عن دين الله، والوقوع في البدع، والشرك والضلالات، ويفسرون كل ما يقع من النكبات والأزمات بعوامل مادية بحتة، وينسون هذه الحقيقة التي ذكرها الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وكررها مرات ومرات في القرآن، وبينها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما الذي أهلك الأمم قبلنا جميعاً؟ أهو نقص الخبرات أو ضعف العوامل الاقتصادية أو قلة عدد السكان؟
لا، بل بالإعراض عن دين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وبالغفلة عن ذكره تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فإذا قرأنا ما قص الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علينا من أخبار الأمم الماضية، وما أوصانا وأمرنا به، لوجدنا هذه الحقيقة بيضاء جلية ناصعة، فعلينا أن نعتني بقلوبنا، وأن نطهرها بتقوى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وبذكر الله وبمداومة قراءة القرآن، والتقرب إِلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بالأعمال الصالحة، واستغلال مواسم الخير ما استطعنا، ونحاول أن نحول هذه النفوس، من لوامة إِلَى مطمئنة بقدر ما يعيننا الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

ثُمَّ يأتي الشاهد من هذا الموضوع وهو قول الإمام عبد الله بن المبارك رَحِمَهُ اللَّه:
وهل أفسد الدين إلا الملوك            وأحبار سوء ورهبانها