وهم كما هو معلوم دائماً عَلَى ما جَاءَ في الكتاب والسنة، فيقولون: إن كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ مُتَحدىً به ومعجز، ومُفحم للخلق بلفظه وبمعناه، وأنه معجز في أحكامه، وفي إخباره بالمغيبات أو بالمستقبليات، وفي ما جَاءَ به من الحلال والحرام، والأمر والنهي، وفي قصصه، وفي نظمه، وفي بيانه، وفي كل أمر من أموره ولا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله.
وهذا الأمر واضح، لكن المُختلف فيه هو في مقدار الجزء المتحدى به من القرآن؟ فبعضهم أخذ يدقق في ذلك ويقول: هل السورة، أو هي أقل من السورة، وما القدر الذي يمكن من السورة؟
والذي يظهر -كما في القرآن- أن أقل ذلك سورة من سور القُرْآن وإن كانت أصغر سورة، يعني: لو أن الإنس والجن اجتمعوا عَلَى أن يأتوا بمثل سورة: ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ))[الكوثر:1] مثلاً لما استطاعوا أن يأتو بمثله ولما استطاعوا أن يأتوا بمثل سورة: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1] ولا المعوذتين ولا ما أشبهها؛ لأن فيها من البيانات ومن المعاني ومن العبر والعظات والهداية والنور ما يعجز البشر عن إدراكه، ولا يمكن أن يأتوا به رغم وجازتها، هذا موجز مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ.