إن الذي تقطع به العقول التي رزقها الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الفهم الصحيح، أن الأمر غير الخلق، فخلق الله هو هذه المخلوقات التي خلقها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مما نرى ومما لا نرى، وأمره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وكلماته غير مخلوقة، بل بها يكون الخلق، وبها يكون الإخبار، وبها يكون الأمر والنهي.
وفي هذا قطع لشبهتهم هذه في قولهم: إن القُرْآن مخلوق، وإن كلامه كله مخلوق، وقد بين المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: أنه عَلَى ذلك تكون جميع صفات الله تَعَالَى مخلوقة، كالعلم والقدرة وغيرها؛ لأنا إذا استدللنا بقوله تعالى: ((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ))[الأنعام:102] عَلَى أن كل شيء مخلوق، فعلمه شيء، وقدرته شيء، وإرادته شيء وهكذا، فتصبح كل صفات الله عَزَّ وَجَلَّ مخلوقة، وهذا كفر، وهم كذلك يقولون: هذا الكلام كفر.
فنقول لهم: وكلامه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صفة من صفاته، كسائر الصفات التي لا توصف بأنها مخلوقة؛ بل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له الخلق وله الأمر.

والآن ننتقل إِلَى شبهة من الشبهات التي يرددونها كثيراً، وهي قولهم: إن المُتكلّم هو من قام به الكلام لا من فَعَلَ الكلام.