ومنذ أن ظهر القول بخلق القرآن، اُمِتَحنت الأمة من أجلها امتحاناً عظيماً، وأَحدثَتْ من الانشقاق والاختلاف بين الْمُسْلِمِينَ ما لا يُرأب صدعه إِلَى قيام الساعة، ولا يزال الخلاف إِلَى الآن قائماً، وسيظل إلا أن يرجع أهل البدع والضلال إِلَى كتاب الله، وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين لهم بإحسان، من القرون المفضلة المشهود لها بالخيريه عَلَى لسان نبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قال: {خير النَّاس قرني ثُمَّ الذين يلونهم ثُمَّ الذين يلونهم} لم تعرف عندهم هذه البدعة، ولم يقل بها أحد من السلف الصالح قط.
وأول من أثرت عنه وعرفت عنه من المبتدعة رجل شاذ لا قيمة له في العلم، ولا في الفقه، ولا معرفة له بما أنزل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، يُقال له: الجعد بن درهم كَانَ في أواخر عصر الدولة الأموية، وكان مؤدباً لـمروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، وعندما انتهى حكمه سنة مائة واثنين وثلاثين هجرية وقامت الدولة العباسية، هرب إِلَى مصر، ثُمَّ قبض عليه وقتل هناك وكان يُلقب بـمروان الحمار؛ لأنه واجه في عصره شدائد، فقد ثارت عليه البلاد من كل ناحية، واستولى العباسيون وغيرهم عَلَى أجزاء من الدولة، وكان يحارب ويجاهد ويكافح من أجل بقاء الخلافة، فلقبه المؤرخون بالحمار لكثرة تحمله وشدة جلده.