قال الطّّحاويّ رحمه الله تعالى:
[وأنه خاتم الأنبياء]
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[قال تعالى: ((وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ))[الأحزاب:40] وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مثلي ومثل الأَنْبِيَاء كمثل قصر أُحسن بنيانه، وتُرك منه موضع لبنة، فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنائه، إلا موضع تلك اللبنة،لا يعيبون سواها، فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان وختم بي الرسل}خرجاه في الصحيحين.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر، الذي يحشر النَّاس عَلَى قدمي وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي}.
وفي صحيح مسلم عن ثوبان قَالَ: قال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي} الحديث.
ولـمسلم: أن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {فضلت عَلَى الأَنْبِيَاء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأرسلت إِلَى الخلق كافة، وختم بي النبيون}] اهـ.

الشرح:
بعض خصائص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هذا الموضوع، وهذه الجمل مهمة جداً عَلَى وضوحها ولله الحمد، وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أنا خاتم النبيين فلا نبي بعدي} هذه واضحة -ولله الحمد- عند الْمُسْلِمِينَ جميعاً إلا من كفر وخرج من الإسلام، ولكن إيضاح الفرق المخالفة فيها وأسباب ضلالها هو المهم.
هذه الأحاديث التي ذكرها المُصنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- وما علم من الدين بالضرورة علماً قطعياً مجمعاً عليه، هو أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو خاتم الأَنْبِيَاء وهناك أحاديث أخرى غير الآية ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ))[الأحزاب:40] والأدلة كثيرة، كلها تدل عَلَى أصل قطعي مجمع عليه بين الْمُسْلِمِينَ وهو أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتم الأنبياء.
الحديث الأول: مثال يذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أن مثلي ومثل الأَنْبِيَاء من قبلي} عَلَى رواية البُخَارِيّ يقول: {كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل النَّاس يطوفون به، ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قَالَ: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين}.
فالمثال يوضح أن البناء قد اكتمل إلا موضع لبنة فجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان هو هذه اللبنة، كما يقول ذلك الأحبار والرهبان الموحدون، فكانوا يقولون: متى يُبعث نبي آخر الزمان -كانوا يسمونه بنبي آخر الزمان أي: الذي ليس بعده نبي- فبعث صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان هو نبي آخر الزمان.
والحديث الثاني: في أسمائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: {إن لي أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي -ووضحه فقال:- يمحو الله بي الكفر} وقد محي به الكفر ولله الحمد والمنة {وأنا الحاشر} ووضح ذلك قَالَ: {الذي يحشر النَّاس عَلَى قدمي} فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي يشفع يَوْمَ القِيَامَةِ.
والعاقب: هو الذي ليس بعده نبي.
الحديث الثالث: يقول المصنف: في صحيح مسلم: عن ثوبان وهذه الرواية ليست في صحيح مسلم كما نبه إِلَى ذلك الشيخ الأرنؤوط، ولعل الشيخ الألباني نبه إِلَى ذلك، وفي صحيح مسلم نجد حديث ثوبان: {إن الله زوى لي الأرض وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض} إِلَى آخر حديث ثوبان المعروف وليس فيه هذه الزيادة، وإنما هي زيادة في مسند الإمام أَحْمَد. {وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي}.
وهذا الحديث، قد يستدل به عَلَى أن الذين يدعون النبوة عددهم ثلاثون، مع أن الذين ادعوا النبوة صاروا كثيراً، فكيف يكون الجمع؟
إما أن يكون الثلاثون هم من ظهر أمرهم وعظم خطرهم وكان لهم أتباعاً كُثر.
وإما أن يكون العدد للتكثير.
وإما أن يكون الثلاثون هم الذين يدعون في الفترة القريبة من بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لكن بعضهم ادعاها وهو حي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل:مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وفي جيل الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ادعى النبوة عدد فقد يكون هو هذا العدد والله أعلم.
المهم أنه يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي}
.