قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[وإرسال الرسل من أعظم نعم الله عَلَى خلقه، وخصوصاً مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قال تعالى: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [آل عمران:164] وقال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[الأنبياء:107]] اهـ.
الشرح:
هذه بقية من الكلام الذي سبق إيضاحه وهو أن من أعظم نعم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى بني الإِنسَان أنه اصطفى منهم رسلاً، وأنزل عليهم هذا النور المبين، والدين الذي لا تصلح حياة البشر في الدنيا والآخرة إلا به.
ولهذا يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [آل عمران:164] فلو تصورنا كيف يكون حال الأمم بدون أنبياء؟ بل ما هو أبسط: كيف يكون حال الأمة المسلمة إذا لم يوجد فيها دعاة، ومجددون؟
كيف كانت حالة جزيرة العرب قبل دعوة الشيخ مُحَمَّد عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللَّهُ- كمثال؟ فما بالكم بحال الإِنسَانية، وحال العرب قبل بعثة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي مجتمع لا دعوة فيه، ولا أمراً بالمعروف، ولا نهياً عن المنكر، فسيكون محلاً للشقاء والضلال والضياع والحيرة والظلم والجور.
فكيف بالمجتمع الذي لا دين فيه ولم يبعث فيه رَسُول من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلولا الأَنْبِيَاء لما عرف النَّاس الحق من الباطل، والخير من الشر، ولم يهتدوا إِلَى ربهم -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولم يعرفوا طريق الجنة من طريق النار، فهذه نعمة كبرى نعمة عظيمة أنعم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بها عَلَى بني الإِنسَان قاطبة، ومن كَانَ عابداً لله حق العبادة معظماً له يقدره حق قدره، فعليه أن يعلم عظم هذه المنِّة وأنها منِّة عظيمة.
وليؤمن بهَؤُلاءِ الأَنْبِيَاء وليتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيه: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[الأنبياء:107] فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة للمؤمنين بلا شك؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أخرجهم الله به من الكفر إِلَى الإيمان.