في الحقيقة الذي يطعن في نبوة النبي لا يطعن فيه بل يطعن في الله هذا ما يريد المُصنِّف أن يقوله، ويلزم من قوله: إما أن هذا الكون ليس له إله!
وهذا لا يمكن؛ لأن أتباع الأَنْبِيَاء -على الأقل- جميعاً يؤمنون بأن الأَنْبِيَاء جاءوا من عند الله، وإما أن يكون هذا الرب لا حكمة له ولا تدبير، إنما هو ظالم، وهذا لا يليق بالله عَزَّ وَجَلَّ، فكل من يعلم شيئاً عن الله عز وجل لا ينسب الله تَعَالَى إِلَى الظلم؛ بل إن الكون يشهد بأن هذا الإله حكيم عدل.
فكيف نقول: إنه ظالم؟ وإنه لا حكمة له ولا تدبير؟
ولا يليق بالله أن يرفع المفتري عليه فوق العالمين، ويظهر سلطانه، ويرفع شأنه ويؤيده.
ويقال أيضاً لمنكري نبوات الأنبياء: ألا تؤمنون أن هذا الإله قدير؟
سيقولون: نعم هو قدير؛ لأنه خلق هذه النجوم والمجرات والكواكب العظيمة.
فيقال لهم: هذا القدير ألا يقدر عَلَى بشر يفتري عليه؟!
ولذلك قَالَ: ((فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ))[الشورى:24] ولو أن هذا الإِنسَان يفتري عَلَى الله، فإن الله يختم عَلَى قلبه ويميته فينتهي الأمر، ولهذا قالت قريش:((أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)) [صّ: 6] وَقَالُوا:((شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ))[الطور:30].