وأعلى النَّاس مقاماً في العبودية هم الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم، وأعلى الأَنْبِيَاء وأعلى البشر في ذلك هو نبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو أعلى النَّاس في درجة العبودية؛ ولهذا كما مر معنا أنه في مواضع التكريم، والثناء يأتي وصفه بالعبودية كما قال تعالى: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى))[الإسراء:1] هنا كلمة العبد كأنها تشير أنه الذي حقق العبودية، والذي أعلى صفة له العبودية.
ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :{إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله}، فاختار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآخرة عَلَى الدنيا، واختار العبودية لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى الملك.

فحقيقة العبودية في تعريف العبادة: أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة، فكلما حقق الإِنسَان ذلك كلما كَانَ أعلى في الكمال، وأكثر اقتداءً بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو الغاية، والذروة في كمال العبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.