إخراج جيل فريد هم النماذج العليا في كافة المجالات، والنماذج العليا من البشر: هم من اقتدوا بسيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واهتدوا بهداه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا أفضل من عَلَى وجه المعمورة من الحكام؛ هم الخلفاء الراشدون، لأنهم أتباع مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأفضل من شهدته المعمورة من العلماء؛ هم أتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولنضرب مثلاً يوضح فضل علماء الإسلام على غيرهم من علماء اليهود والنَّصَارَى.
انظروا مثلاً قصة سلمان الفارسي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لما ذهب إِلَى الراهب في دمشق من علماء أهل الكتاب، وقد كَانَ خدمه سلمان أربعين سنة، وهو يتعبد فكان يجمع الزكوات والعطايا، عَلَى أن يعطيها الفقراء، وهو في الحقيقة يجعلها في قلال من الفخار ويكنزها، فلما مات وجاء النَّاس إِلَى سلمان قالوا: أنت الفارسي الذي جئت من بلاد الفرس تتعبد عند الحبر الأكبر؟ قالوا: نريد أن نعمل جنازة كبرى تليق بهذا الحبر العظيم، قال سلمان: قفوا!
وقَالَ: هذه هي القلال من الذهب والفضة التي كنتم تعطونه إياها ليتصدق بها عَلَى النَّاس فلما رأوها تركوا جنازته ولم يعملوا له شيئاً.
فهَؤُلاءِ هم علماء النَّصَارَى وما أدراك ما يفعل أحبار اليهود،
ولكن أفضل العلماء هم العلماء الذين أنجبتهم هذه الأمة؛ لأن الذي رباهم هو مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقرءوا سيرة عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عباس أحبار هذه الأمة -إن صح التعبير- وانظروا كيف كانت حياتهم كيف كانت سمعتهم.
وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ يظل علماء الإسلام هم النموذج العالي بين علماء أصحاب الديانات جميعاً، وأفضل قادة في التاريخ هم القادة الذين رباهم مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتخرجوا من مدرسته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولذلك لم يعرف قادة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنهم يمثلون بالناس، ولم يعرفوا أن يسبوا النساء ويستحلوهن لأنفسهم، ولم يعرفوا الغلول يضعونه وراء ظهورهم من الغنائم، لم يعرفوا شيئاً من هذا؛ بل كَانَ الرجل منهم يحارب لوجه الله وحده يريد الله والدار الآخرة والجنة فقط، إن كَانَ في الساقة كَانَ في الساقة، وإن كَانَ في الحراسة كَانَ في الحراسة، حتى سيف الله المسلول خالد بن الوليد يأتي الأمر بعزله فيمتثل الأمر ليحارب جندياً؛ لأنه كما قَالَ: إني لا أقاتل من أجل عُمَر إنما أحارب في سبيل الله
، ولم ينتصر جيش الْمُسْلِمِينَ لأن قائده خالد أو أبو عبيدة، بل لأن قائده هو الإيمان بالله، ولأنهم يتبعون مُحَمَّد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعظم الزوجات هن زوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يمكن أن تقارن أي زوجة لأي شخص من النَّاس من عالم، أو عظيم، أو كبير، أو صغير بزوجات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الطهارة والعفة والعلم والأمانة، وهذا أيضاً من الدلالة عَلَى صدق نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.