فالحكّام والأمراء يحتاجون سيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ليتعلموا منه العدل والأمانة، ويتعلموا منه كل صفات الحاكم الناجح، والأمير الناجح. وكذلك العلماء يحتاجون سيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتعلموا منها دقائق العلم والفقه والأحكام التي لا توجد إلا في سيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنها كلها حجة ونحن مأمورون أن نتبعها، وأن نتعبد بما صح منها.
وكذلك طلاب المعرفة والأخلاق العالية والسامية، يقرؤون سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيجدونه المثل الأعلى في الحلم، والعطف، والحنان عَلَى الفقراء والمساكين، والعفو والكرم، والشجاعة والمروءة.

والزوج الذي يريد أن يكون زوجاً حقيقياً، وأباً مثالياً في بيته، فليقرأ سيرة وشمائل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليجد مثال الإِنسَانية العالية، والزوج الكامل الصفات في معاشرته لأهله ومعاملته لجيرانه ومن حوله، تجد تلك الصفات التي من تحلى بها بلغ الكمال ولم يحز أحدٌ منها مثلما حاز هو، فكل إنسان يحتاج إِلَى أن يقرأ سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحيحة، لا قراءة المطلع عَلَى أحداث التاريخ، وإنما قراءة المتعظ المعتبر المتأسي الممتثل لما يجده في هذه السيرة العطرة الزكية النيرة.
ولهذا من حكمة الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ورحمته أن حفظ لنا سيرته كاملةً حتى نعرف كيف كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقسم بين زوجاته وكيف كَانَ يأتيهن، وعندما تكون المرأة من أمهات المؤمنين حائضاً نعرف كيف كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يباشرها وهي حائض، وكيفية اغتساله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجنابة، وهل كَانَ يغتسل في إناء وحده أو مع إحدى زوجاته؟ فنعرف -ولله الحمد- حتى الأمور الدقيقة في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي هي عند أكثر النَّاس مجهولة أو معمية أو مخفية.